• ×

05:13 صباحًا , الجمعة 10 شوال 1445 / 19 أبريل 2024

فهد بن سعدون الخالدي

السعودية 2030.. ثقافة التغيير أولاً

فهد بن سعدون الخالدي

 0  0  2.5K
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
رؤية السعودية 2030 والتي وافق عليها خادم الحرمين الشريفين في آخر جلسة لمجلس الوزراء يوم الخامس والعشرين من شهر إبريل الحالي، والتي اتضحت معالمها من خلال لقاءات سمو ولي ولي العهد رئيس المجلس الاقتصادي والتنمية مع قنوات الإعلام؛ هذه الرؤية تجعل هذا اليوم يومًا تاريخيًا في مسيرة المملكة لأنها لا تتضمن برنامجًا في المجالات الاقتصادية والاستثمارية فحسب، وليس لكونها تتصدى لقضية طالما كثر الحديث عنها وهي اعتماد المملكة وبعض دول المنطقة على النفط باعتباره مصدراً وحيداً للدخل فقط، بل لأنها تتضمن مشروعًا ثقافيًا بالدرجة الأولى كما وصفه ولي ولي العهد الأمير الشاب محمد بن سلمان باعتباره يشكل انطلاقة لتغيير الكثير من الرؤى والأفكار حول قضايا أساسية هي في الأصل ذات علاقة بثقافة الأمة والمجتمع وإن كانت له مظاهر وتبعات اقتصادية واضحة أيضًا، لأن المشروع لا بد أن يواكبه تعديل في بعض القناعات وأولها القناعة بالتغييرات المطلوبة في النظرة إلى العديد من القضايا، ولا شك أن التغيير المطلوب سيكون ممكنًا كلما اتضحت الرؤية واتضح أن الأهداف التي تم تحديدها للمشروع قابلة للتحقيق، كما أن اضطلاع معظم مؤسسات الدولة ببعض الواجبات والمهام التي يتطلبها المشروع إن لم تكن جميع هذه المؤسسات بل والهيئات المجتمعية والمنظمات الأهلية سوف يجعل التغيير المطلوب ممكنًا كما يجعله يحدث في الوقت والمدى المناسبين أيضًا، لأن أي تغيير أو تعطيل في دور أي مؤسسة سوف يكون أثره سلبيًا على مجمل البرنامج، ولعل وضوح معنى مصطلح الرؤية الوطنيه أولاً ووعي الجميع بمدلولاته ومقاصده ومعانيه وآليات هذا التحول ومتطلباته وأهدافه وما يمكن أن تكون عليه حال الوطن والمجتمع نتيجة لهذا التحول وهي صورة مشرقة وواعدة بلا شك. ولضمان ذلك ولمواجهة ما يمكن أن يجده المشروع من قوى وعوامل مقاومة التغيير والشدّ العكسي في المجتمع وهي موجودة دائمًا في كل المجتمعات وفي كل الأوقات فلا بد من تعزيز العديد من القيم التي تساهم في بناء الثقة وتشجع على المشاركة وتقلل من أثر التحديات وفي مقدمتها قيم الشفافية والعدالة والوسطية والعمل الجماعي وهي قيم تقتضي تغييراً ثقافيًا في طرائق التفكير والاستعداد لتقبل الجديد وقبول الرأي الآخر والموضوعية، وهنا يجيء دور المثقفين والمؤسسات الثقافية والتعليمية في الإعداد الثقافي للمجتمع بفئاته المختلفة لمرحلة انطلاق فكرة مشروع التحول الوطني مع ما يصاحب انطلاقة أي مشروع من حماس وتقبل إلى درجة الاندفاع لدى البعض وتردد وتريث يصل إلى حد التشكيك في إمكانيات النجاح لدى البعض الآخر، ولابد من التأكيد على البدء بتكثيف دور المؤسسات والمثقفين والبدء بما له علاقة ببناء الرأي العام من المؤسسات الثقافية باعتبارها من أولى البنى التحتية التي يتطلبها مثل هذا النوع من المشروعات التاريخية الكبرى التي يتقرر بناء على نتائجها مستقبل الوطن لأجيال عديدة قادمة وسنوات طوال إن لم تكن قرونًا، لأن نجاح المؤسسات الثقافية والأفراد والوسائط الإعلامية أيضًا في طرح المشروع ودواعيه ومنطلقاته ومتطلبات نجاحه والتعريف بغاياته والنقلة الحضارية التي تنتظر من نتائجه على الصعد العمرانية والاقتصادية والاستثمارية والعلمية وعلى تاريخ الوطن كله سوف تكون أسبابًا وجيهة لحشد الرأي العام وراء فكرة المشروع وبالتالي حشد إمكانيات المواطنين وطاقاتهم. ولا شك أن من أولى القناعات التي يجب أن نعمل جميعًا على توفيرها هي القناعة أن التغيير سنة كونية ضرورية لاستمرار الحياة وتطور المجتمعات، لأن الجمود ومقاومة التغيير يبعدان المسافة بين الأمة وبين غيرها من الأمم والشعوب التي تتغير دائمًا وتتطور وتشق طريقها الحضاري في كافة المجالات معتمدة -بعد الله- على ثروتها وسواعد أبنائها وشراكة كافة أفراد المجتمع ومؤسساته في صناعة مستقبلها بعيداً عن التواكل وانتظار الآخرين ليقدموا لنا أسباب الرفاهية والراحة على طبق من الذهب لا يكون لنا في صنعه دور ولا جهد ولا مشقة. وهنا أؤكد مرة أخرى على ما تطرقت إليه وغيري من الكتاب والمثقفين في اللقاء الأخير للكتاب الذي عقد برعاية النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية مؤخراً على دور المثقف المنتمي والمسؤول في مواجهة التحديات التي تواجه الوطن وفي مقدمتها تحديات التنمية والمشاركة الإيجابية فيها، والذي يأتي تحدي المساهمة في تهيئة المجتمع لتولي دوره في مشروع التحول الوطني ليضيف إليها تحديًا رئيسًا وجوهريًا ويستحق الأولوية والتقديم.

التعليقات ( 0 )