• ×

05:18 مساءً , الخميس 18 رمضان 1445 / 28 مارس 2024

فهد بن سعدون الخالدي

المرافق العامة.. حسابات الربح والخسارة

فهد بن سعدون الخالدي

 0  0  1.9K
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
المرافق العامة.. حسابات الربح والخسارة
فهد الخالدي
ذهلت مما قرأته عن لسان مصدر بأمانة محافظة جدة، يفيد بأن حجم الخسائر الناجمة عن تخريب المرافق العامة في المحافظة بلغ أكثر من ثلاثة عشر مليون ريال، خاصةً وأنني حاولت أن أتخيل أن ذلك يحصل في كل المحافظات زيادةً أو نقصًا ثم إنني أجريت حسبة لما يمكن أن يكون عليه حجم هذه الخسائر في المملكة بعامة إذا جمعنا مجموع الخسائر التي تنجم عن ذلك في محافظات المملكة جميعها.

والمحزن في ذلك أنه يحدث بأيدينا، وأن الذي يتسبب بهذا التخريب هم أبناؤنا، وأن أول الخاسرين هم نحن؛ ففي الوقت الذي تبذل فيه الدولة المبالغ الطائلة والتي تصل إلى المليارات لتوفير الخدمات والمرافق العامة لصالح المواطنين في كافة أنحاء الوطن فإن بعض هؤلاء الأبناء يخربون ذلك بأيديهم. وقد أحسنت أمانة جدة عندما أطلقت حملة توعوية بعنوان (الاعتداء على الممتلكات العامة جريمة)، وتهدف الحملة إلى الحد من حالات التخريب المتعمد التي استهدفت بعض المرافق العامة، خاصةً في الواجهة البحرية وشملت إتلاف بعض المرافق ودورات المياه بل حتى الاستيلاء على بعض الأدوات الصحية زهيدة القيمة، وهي حملة أرى من المفيد أن تعمم أمثالها في كافة أنحاء الوطن، وأن تشارك فيها المدارس والجامعات والمساجد، وسائر الوسائط الإعلامية، وسائر الجمعيات والمؤسسات الاجتماعية والثقافية والخيرية، بل أن نشارك بها جميعًا بالحديث عنها في المجالس والمنازل حتى نكون قد ساهمنا مساهمة إيجابية في الحد من هذه الجريمة.

كما أدعو إلى تفعيل اللائحة التي أقرها مجلس الوزراء بشأن إتلاف المرافق العامة وتتراوح بين مائتي إلى ألفي ريال، إضافةً إلى ما ينص عليه نظام المرافق العامة الصادر عن مجلس الوزراء من إيقاع عقوبة السجن بالمخربين بما يصل إلى عامين وغرامة تصل إلى مائة ألف ريال، كما أدعو أن تقوم الأمانات وخاصةً أمانة المنطقة الشرقية بوضع كاميرات مراقبة في المرافق الهامة والضرورية، إضافةً إلى تكليف حراس ومراقبين ميدانيين لحماية هذه المرافق، ولا سيما مناطق الكورنيش الذي ندرك جميعًا كم هي الجهود والأموال التي أنفقت لجعله متنفسًا لسكان المنطقة الشرقية من المواطنين والمقيمين، وخاصةً في أيام العطل والإجازات.

إن من يقومون بهذا العمل لا يفتقدون أدنى مقومات السلوك القويم فقط، بل هم يفتقدون الانتماء الصادق للوطن، وهم أيضًا أجهل من أن يدركوا فظاعة هذا العمل الذي يرتكبونه وآثاره السلبية، وكم هي الإساءة التي يلحقونها بأنفسهم أولاً وبأهلهم وبلدهم.

إن متطلبات الانتماء الصحيح للوطن والمجتمع ينبغي أن تكون رادعًا ذاتيًا لمثل هذه التصرفات لو كان من يقوم بها من العقلاء والأصحاء نفسيًا وعقليًا، ولا بد أن تعتني المدارس أولاً بتقويم سلوك هؤلاء بدءاً من تعويدهم على صيانة مرافق المدرسة ونظافتها والمحافظة على المرافق الموجودة في الطرق العامة سواء من الأشجار التي تغرسها الأمانة أو الحدائق أو دورات المياه وكذلك الإشارات الضوئية وألعاب الأطفال التي توفرها الأمانة في الحدائق وفي الكورنيش، والذي يعرف من يسافر خارج بلادنا أن هذه الفرص المتاحة لنا مجانًا تقدم في بلدان أخرى مدفوعة الثمن... فلماذا تكون المكافأة أن نخربها بأيدينا؟،

لماذا لا يزجر الوالد ولده إذا رآه يمد يده إلى مثل هذه المرافق بالإساءة؟، لماذا نسكت ونحن نراه يرمي الأوراق والفضلات في الشارع؟، ولماذا نسكت ونحن نراه يخرب أرجوحة أو إشارة أو يقتلع نبتة في حديقة عامة؟، ونحن في نفس الوقت نمنعه أن يفعل ذلك في حديقة المنزل أو مرافقه. الممتلكات العامة لنا جميعًا والضرر الذي يقع عليها يقع علينا جميعًا لأنها أنشئت من أجلنا، ومسؤولية المحافظة عليها تقع على كل مواطن ومقيم لأنه المستفيد الأول منها والخاسر الأول من تخريبها.. فهل تبدأ حملة لحماية هذه المرافق من التخريب؟.. هل نبدأ ذلك بأنفسنا وأبنائنا؟.

التعليقات ( 0 )