• ×

01:08 صباحًا , الإثنين 20 شوال 1445 / 29 أبريل 2024

د محمد الخالدي

هل يستطيع موظفوك التحدث بحرّية؟ د. محمد الخالدي

د محمد الخالدي

 0  0  2.4K
زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
هل يستطيع موظفوك التحدث بحرّية؟
د. محمد الخالدي
كَفَانَا نِفَاقْ!..

فما نَفْعُهُ كلُّ هذا العِناقْ؟

ونحنُ انتهَيْنَا

وكُلُّ الحكايا التي قد حكينَا .. نِفَاقٌ ..

"نزار قباني"

قد يحجم موظفوك عن التفوه أمامك حول ممارسة غير مهنية رأوها، أو مشروع خرج عن الخطة المرسومة، أو مسؤول يتصرف بطريقة غير أخلاقية. وربما يحتفظون لأنفسهم بآراء مهمة تخص تطور المنظمة ونموها. وفي الوقت نفسه، قد تدعي بأن بابك مفتوح لهم، في الوقت الذي يحجم فيه العدد الأكبر منهم عن الإفصاح عن آرائهم وملاحظاتهم حول ما يجري في المنظمة.

والسبب ببساطة، أنه ليس هناك مسؤول أو قائد يقول إن أبوابه موصدة في وجوه الموظفين. اسأل نفسك عن حجم غشيان الناس لمكتبك ليس لحاجة تخصهم، أو شكوى تتعلق بهم، أو لاجتماع مجدول، ولكن لإعطاء آرائهم دون مجاملة حول أداء المنظمة ومستقبلها لأنك شجعتهم على ذلك. هذا هو المعيار الحقيقي للباب المفتوح. فالناس تخاف لأسباب حقيقية أو غير حقيقية من أن تؤخذ ملاحظاتهم بشكل شخصي أو أن يؤثر ذلك على مستقبلهم الوظيفي.

قد يحدث الأسوأ أحيانا، فقد تقوم منظمة بالطلب من موظفيها التحدث علنا ولكن ضد مصالحهم. فقد طلبت إدارة مجموعة مطاعم كلايد بمدينة واشنطن الأمريكية من موظفيها عن طريق البريد الإلكتروني إصدار إعلان بمعارضتهم رفع الحد الأدنى لرواتبهم.

كم مرة قد قال أحدنا لموظفيه: "ماذا تفعلون هنا؟" وذلك عند رؤيته لهم خلال ساعات العمل وهم يتكلمون أو يضحكون في الممرات أو المقصف، ظانا أنهم تَرَكُوا أعمالهم واجتمعوا لإهدار الوقت في غفلة منه؟ فقد كانت إدارة شركة سيمنز الألمانية تزعجها الدردشة التي يقوم بها موظفوها أثناء العمل. ولكنهم وجدوا أخيرًا أن العمال كانوا منتجين على خط الانتاج. فهم كانوا يتحدثون بشكل كبير حول كيفية حل المسائل غير المألوفة في العمل وتبادل مهارات حل المشكلات الخاصة بهم. وقد بدلت الشركة الألمانية سياستها لتدعم بشكل إيجابي المناقشات حول المواضيع ذات الصلة بالعمل، التي كانوا يعتبرونها إهمالا، وهي ما كانت إلا تدريبا غير رسمي يصب في مصلحة العمل.

لقد وُجد في عدد من الدراسات، أنه عندما يتاح للموظفين التعبير بحرية عن اهتماماتهم، فإن المنظمات تشهد تدنيا في تسرب المهارات منها وزيادة في مستوى الإنتاج. فقد وجد في العديد من شركات الخدمات المالية، على سبيل المثال، أن الوحدات التي يتحدث فيها الموظفون بحرية أكثر، قد حققت نتائج مالية وتشغيلية أفضل بكثير من غيرها. وفي إحدى سلاسل المطاعم المشهورة، تمكن المديرون الصغار من إقناع القادة الكبار لإدخال تحسينات أدت إلى خفض تسرب الموظفين بنسبة 32% وتوفير ما لا يقل عن 1.6 مليون دولار في السنة.

كما وجد الباحثان "جيمس ديتيرت" و"إيمي إدمونوندسون" من جامعتي كرنغيميلون وهارفرد، من خلال دراسة ضمت نحو 200 موظف في شركة متخصصة في التقنية، أنه برغم وجود العديد من الآليات الرسمية، مثل تعيين شخص مسؤول عن المظالم ووجود إجراءات للتظلم، لتشجيع الموظفين على التحدث عن المشاكل الخطيرة بالشركة، فإن نصف المشاركين في الاستطلاع كشفوا أنهم لا يشعرون بالأمان للتحدث أو تحدي الطرق التقليدية للقيام بالعمل. وكانوا أكثر تحفظا ليس في الحديث حيال المشاكل، ولكن في طرح الأفكار الإبداعية لتحسين الأداء وتطوير المنتجات وطرق العمل.

هناك على ما يبدو غريزة فطرية قوية من الحماية الذاتية لدى الناس تحول دون المجاهرة بالرأي ولو كان التوجه واضحا في مصلحة المنظمة. فالناس تلجأ إلى الصمت غالبا إذا ظنوا أنه قد ينتج عن تحدثهم خطر شخصي داهم ومنفعة غير واضحة للمنظمة. لذلك يلجأ الناس إلى الصمت عندما يكونون في شك من ردة الفعل. وقد ينقلب الصمت إلى نفاق مبتذل لا حدود له من أجل إرضاء المسؤول.

ولا يغير تخوف الناس من التعبير عن آرائهم إزالة بعض الحواجز مثل تغيير رئيس مزاجي متعسف. ولا وضع بعض الآليات والنظم الرسمية مثل الخط الساخن وصناديق الاقتراح ولا تحديد ساعات لمقابلة الموظفين. ولكن ما يجعل الموظفين يشعرون بالأمان الكافي ليساهموا بشكل كامل يتطلب تغييرا ثقافيا عميقا يغير الطريقة التي يفهم بها الناس الثمن المحتمل والمباشر الذي يتوجب عليهم دفعه شخصيا في مقابل الفوائد التي تعود على المنظمة مستقبلا من خلال التحدث بصراحة.

وللحد من التكلفة المتوقعة في أذهان الناس، يجب على القادة الترحيب والاعتراف بأفكار الآخرين وعدم إهمالها. كما يجب عليهم دحض الإشاعات والافتراضات التي تعزز الصمت، والتأكيد على الموظفين أنه خلافا للاعتقاد السائد فلا ينبغي أن تقدم الاقتراحات على المستوى الشخصي من أجل حفظ ماء وجه مسؤول ما. فالأفكار تكون مفيدة للغاية عندما تتم مناقشتها علنا، ويساهم الآخرون في تطويرها.

وقد يساعد الموظفين على المشاركة بأفكارهم إذا كان بإمكانهم موازنة الكلفة غير الملموسة للإفصاح عن آرائهم مقابل المكافآت التي تتخطى المديح اللفظي لأفكارهم إلى مكافآت ملموسة تقاس مثلا بمقدار ما تحققه أفكارهم الطوعية من خفض للتكاليف أو زيادة في الأرباح.

التعليقات ( 0 )